قائد قوات الدعم السريع اللواء محمد حمدان دقلو يتحدث خلال مؤتمر صحفي في مقر قوات الدعم السريع بالخرطوم، ١٩ فبراير ٢٠٢٣ (المصدر: رويترز، محمد نور الدين عبد الله)

توجد شبكة من حسابات تويتر تقوم بالترويج لقائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، باستخدام محتوى منسوخ وردود مكررة. تصاعدت التوترات بين حميدتي والقائد العسكري عبد الفتاح البرهان إلى حد النزاع المسلح في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ مع مقتل أكثر من ٢٠٠ مدني حتى وقت كتابة هذا التقرير. كما كشفت معمل دي اف ار لاب أيضًا شبكة حسابات تويتر أُخرى تروج لكل من قوات الدعم السريع وحميدتي، تم تغطيتها في تقرير سابق. وينقسم محتوى الشبكة المذكورة إلى ثلاث فئات: تغريدات منسوخة مباشرة من حسابات التويتر الرسمية لحميدتي أو لقوات الدعم السريع، منشورات تروج لحميدتي وقوات الدعم السريع، وردود على التغريدات المنشورة من قبل قوات الدعم السريع وحميدتي.

قبل النزاع المسلح بين قوات الدعم السريع وقوات البرهان المسلحة السودانية، صورت الحسابات المذكورة حميدتي على أنه جنرال إصلاحي يدعم الحراك نحو الديمقراطية، وقائد كفء لقوة شبه عسكرية قوية، وقائد ملائم متقبلاً للسودان. وبعد بدء النزاع في ١٥ أبريل، صورت الروايات حميدتي على أنه بطل يقاتل لحماية السودان وتطهير البلاد من الخونة.

غالبًا ما تنشر هذه الحسابات نفس المحتوى في غضون ثوانٍ ودقائق من بعضها البعض. وغالباً ما تشيد ردود التغريدات، التي يكون معظمهاً متطابقاً أو متشابهاً بشكل ملحوظ، بكل من حميدتي وقوات الدعم السريع.

في تقرير سابق، ذُكر أن معمل دي اف ار لاب كانت قد رصدت شبكة من حسابات تويتر تمت سرقتها مؤخراً لُتستخدم للترويج لـقوات الدعم السريع بعد أن كانت خاملة لسنوات. تختلف الشبكة المتناولة في هذا التقرير عن تلك في أن الحسابات المتناولة في هذا التقرير تبدو جديدة، حيث تم إنشاء غالبية الحسابات في أواخر عام ٢٠٢٢، بالتزامن تقريبًا مع الوقت الذي ادعى فيه حميدتي أن الانقلاب العسكري الذي جرى عام ٢٠٢١ والذي أطاح بالحكومة الانتقالية، كان فاشلاً.

هذه ليست الأمثلة الأولى التي تكشف فيها منظمة معمل دي اف ار لاب الأساليب المشبوهة التي تهدف للترويج لقوات الدعم السريع. ففي أكتوبر ٢٠٢١، قامت شركة ميتا، الشركة الأم لـ فيسبوك، بحظر شبكة تروج لقوات الدعم السريع وحميدتي لأنها كانت تتبع “سلوكاً مشبوهاً منسق نيابة عن كيان أجنبي أو حكومي”. تضمنت الشبكة مديري صفحات مقيمين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكلاهما لهما علاقات طويلة الأمد مع قوات الدعم السريع.

بعض الحسابات ذات التفاعل الكبير، والتي تشكل جزءًا مهمًا من الشبكة التي كشفتها معمل دي اف ار لاب ، كان قد تم التحقيق فيها مسبقًا بواسطة بيم ريبورتس، وهي وسيلة إعلامية سودانية تركز على التحقيق في المعلومات المضللة. كما قامت بيم ريبورتس بتوثيق حالات أخرى لحسابات يُحتمل أن تكون مزيفة أو غير أصلية تُستخدم للترويج لقوات الدعم السريع على منصات وسائط اجتماعية متعددة.

لكي تتمكن من تحديد الحسابات المشبوهة المروجة لحميدتي وقوات الدعم السريع، استخدمت منظمة معمل دي اف ار لاب مجموعة بيانات كان قد تم إنشاؤها سابقاً بغرض كشف مجموعة من حسابات تويتر يحتمل أن تكون مسروقة ومستخدمة لدعم المحتوى المنشور من قبل حسابات قوات الدعم السريع وحميدتي الرسمية. ضمت مجموعة البيانات ٤٨٨٢ حسابًا قام بالإعجاب بتغريدة واحدة على الأقل لأي من الحسابات الرسمية. وكما أشرنا في تقريرنا السابق، لاحظنا بعض التناقضات بين البيانات الظاهرة علناً على موقع تويتر على الويب، والبيانات التي تم جمعها عبر واجهة برمجة التطبيقات. فمثلاً، في بعض الحالات، يُظهر موقع تويتر على الويب أن حسابًا معينًا قد أعجب بتغريدة من قوات الدعم السريع، لكن ذلك لا ينعكس في بيانات واجهة برمجة التطبيقات التي تم جمعها. نتيجة لهذه التناقضات الحالية بين موقع تويتر وواجهة برمجة التطبيقات، من المحتمل أن العدد الإجمالي للحسابات التي تم العثور عليها أقل من العدد الفعلي.

في هذا البحث، ركزت منظمة معمل دي اف ار لاب على الحسابات الأكثر تفاعلًا التي أعجبت وكتبت تعليقاً وشاركت تغريدات حميدتي وقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى نشرها لمحتوى ترويجي منسوخ أو أصلي. كما يبدو أن الأشخاص ذوي التفاعل العالي يضغطون زر الإعجاب وإعادة التغريد لمحتوى الحساب الرسمي لقوات الدعم السريع في المقام الأول بدلاً من حساب حميدتي. لكن هذه الحسابات ذكرت حميدتي في تغريداتها أو في الردود على تغريدات حميدتي، كما روّجت معظم تغريداتهم الأصلية لحميدتي على أنه قائد فردي بدلاً من قوات الدعم السريع كمجموعة شبه عسكرية.

يبدو أن غالبية الحسابات التي كشفتها معمل دي اف ار لاب كجزء من شبكة النسخ واللصق هذه كان قد تم إنشاؤها بين يوليو وتشرين الأول ٢٠٢٢، مع إنشاء العديد منها في نفس اليوم. على سبيل المثال، تم إنشاء ثلاث حسابات عالية التفاعل في ٣ أغسطس ٢٠٢٢، في غضون ثلاثة عشر دقيقة من بعضها البعض. كما قامت ما لا يقل عن تسع حسابات عالية التفاعل بالتفاعل بشكل مستمر مع حسابات قوات الدعم السريع وحميدتي بطرق متشابهة، بما في ذلك الردود وإعادة التغريدات واستخدام هاشتاغات محددة، مثل #قوات_الدعم_السريع (#Rapid_Support_Forces).

قامت العديد من الحسابات بنسخ المحتوى مباشرة من صفحات الفيسبوك وحسابات التويتر الخاصة بحميدتي وقوات الدعم السريع ومشاركته كما لو كان محتواها الخاص.

في ١٧ أبريل، شاركت عشرة حسابات نسخة مختصرة من مقطع فيديو منشور في الأصل من قبل صفحة قوات الدعم السريع قبل ساعات. حيث اجتزأت الحسابات فيديو يزعم أنه يظهر عناصر قوات الدعم السريع وهم يسيطرون على مطار مروي لتسليط الضوء على جنود قوات الدعم السريع وهم يحتفلون أمام لافتة تحمل اسم المطار. بينما في الواقع، يصور الفيديو الأصلي محاصرة قوات الدعم السريع لمطار مروي في ١٢ أبريل، مما أدى إلى إصدار القوات المسلحة السودانية (SAF) تحذيرًا من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفاقم الصراع. شاركت الحسابات المذكورة الفيديو بين الـ ٣:٢٠ مساءاً والـ ٣:٣٠ مساءاً بتوقيت وسط إفريقيا، بفاصل دقيقة واحدة بين كل حساب والآخر.

في مثال مشابه، قام ثمانية عشر حسابًا بنسخ مقطع فيديو ونص من تغريدة لقوات الدعم السريع نُشرت في ٢٣ فبراير. استخدمت الحسابات (التي نشرت جميعها هذا المحتوى في غضون ثلاث ساعات من منشور قوات الدعم السريع الأصلي) نسخة اجتزأت أول ثمانية ثواني من مقطع الفيديو الأصلي. قامت الحسابات الثمانية عشر بنسخ النص العربي لقوات الدعم السريع، والذي ترجم إلى “انتصارات متعددة … قوات درع الصحراء المتنقلة للدعم السريع”. بينما استخدمت قوات الدعم السريع الهاشتاج #sudan و #RSF، استخدمت الحسابات الثمانية عشر الهاشتاج قوات_الدعم_السريع# (“Rapid_Support_Forces”) و # جاهزية_سرعة_حسم ((Accessibility_Rapidity_Resolvedly.

نشرت جميع الحسابات المذكورة تقريبًا شكلاً من أشكال محتوى أصلي لم يتم نسخه مباشرةً من حسابات تويتر الرسمية لحميدتي أو قوات الدعم السريع. تتألف هذه التغريدات من محتوى يروج لقوات الدعم السريع وحميدتي أو ملخصات لمحتوى من حساباتهما على تويتر.

في ١٦ أبريل، نشرت عشرة حسابات صورة لحميدتي وهو يحيي القوات، مع رسالة تشيد به كزعيم سيطهر السودان من “الخونة والثوار المنافقين”. نشرت الحسابات الصورة والنص في غضون ست دقائق من بعضها البعض.

كما قامت حسابات هذه الشبكة بشكل منتظم بنشر عناوين إيجابية عن قوات الدعم السريع وحميدتي أو مقالات صورت حميدتي كحاكم محتمل. على سبيل المثال، في ١٠ أبريل، قام ٢٤ حسابًا بالتغريد من منشور منسوخ من الحساب الرسمي لوسيلة الإعلام السعودية “العربية” على ثلاث دفعات: غردت الدفعة الأولى المكونة من تسع حسابات بين الساعة ٨:٢٨ و٨:٣٢ صباحًا وتضمنت نفس نص موقع العربية ولكن بدون الوسوم التشعبية (الهاشتاغ). وغردت الدفعة الثانية المكونة من تسع حسابات بين الساعة ٩:٥٥ و٩:٥٨ صباحًا وتضمنت نسخة مقصوصة من تغريدة العربية الأصلية مع إزالة جميع الإشارات إلى قناة العربية. وغردت الدفعة الثالثة المكونة من ست حسابات بين الساعة ١١:٣١ و١١:٣٦ صباحًا باستخدام النص من الدفعة الأولى والصورة من الدفعة الثانية.

في مثال آخر في ١١ مارس، نشرت عشرة حسابات لقطة شاشة لمقال على قناة فوكس نيوز في غضون دقيقتين من بعضها البعض. في الزاوية العلوية اليمنى من لقطة الشاشة يوجد زر يقرأ باللغة العربية “العودة إلى واتساب”. مما يشير إلى أنه ربما تمت مشاركة رابط لمقال فوكس نيوز في مجموعة واتساب وتم التقاط لقطة الشاشة عندما نقر أحد أعضاء المجموعة على الرابط. بينما يشير المقال إلى دور حميدتي في الانقلاب العسكري في أكتوبر ٢٠٢١، فإن لقطة شاشة عنوان المقالة متعاطفة مع زعيم القوات شبه العسكرية. حيث تم استبعاده عن القادة العسكريين الآخرين وتقديمه على أنه داعم للحركة الديمقراطية، على الرغم من أن حميدتي كان لا يزال الرجل الثاني في قيادة المجلس العسكري الحاكم في السودان بعد انقلاب ٢٠٢١.

كما تم نشر تغريدات أخرى باللغة الإنجليزية في غضون دقائق من بعضها البعض، مما يشير إلى محاولة محتملة للوصول إلى جمهور أكبر وأكثر عالمية. في أحد الأمثلة، غرّدت أربع حسابات نصًا متطابقًا لما بدا أنه ملخص باللغة الإنجليزية لتغريدة نشرها حميدتي ذكر فيها أنه سيرعى مؤتمرًا لتطوير خطة مدتها عشر سنوات لتطوير الخرطوم. غردت الحسابات في غضون دقيقتين من بعضها البعض، واستخدمت ثلاث حسابات منها نفس صورة لحميدتي.

نظرًا لطبيعة النسخ واللصق لهذه الشبكة التي تشارك مجموعات كبيرة من الحسابات فيها نفس المحتوى في غضون دقائق من بعضها البعض، فغالبًا ما يكون للحسابات نفسها مخططات زمنية متطابقة. مثلاً، غالبًا ما كان لأعلى تسعة مشاركين جداول زمنية متطابقة تقريبًا عبر أيام وحتى أسابيع.

لاحظت منظمة DFRLab أن الحسابات في الشبكة المذكورة قامت بالرد بشكل متكرر على تغريدات قوات الدعم السريع وحميدتي باستخدام نص منسوخ بحذافيره أو معدل قليلاً لتضمين أو إزالة كلمة أو كلمتين. على سبيل المثال، تم استخدام نفس النص تماماً أو نص مشابه جدًا له يشيد بحميدتي للرد على ثلاث تغريدات نشرتها قوات الدعم السريع. في ١٧ يناير، رد حساب @mhwdaltahr على تغريدة لقوات الدعم السريع حول لقاء بين حميدتي والنائب العام المغربي والسفير المغربي في السودان، مشيدًا بحميدتي بالقول: “حميدتي رجل يمثل بلدًا بأكمله ويعمل لصالح الحكومة والأمة والمواطن “. تم نسخ النص حرفيًا واستخدامه من قبل @aynas17491752 في ٢٩ يناير للرد على تغريدة لقوات الدعم السريع حول اجتماع بين حميدتي ورئيس الوزراء الإثيوبي إثيوبيا أبي أحمد. بعد شهرين، في ٢٦ مارس، أضاف حساب @ahmdbas54698745 بضع كلمات على نفس النص للرد على تغريدة أخرى حول خطاب حميدتي، حيث كتب: “حميدتي رجل يمثل دولة بأكملها ويعمل من أجل الوطن والمواطن، وللحفاظ على السلامة والأمن والاستقرار.”

في ٢٩ مارس، رد حساب sakralart1123 على تغريدة قوات الدعم السريع قائلاً “هذه القوات [قوات الدعم السريع] ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على الأمن والسلامة والاستقرار في جميع أنحاء البلاد”. بعد أربع دقائق، أزال الحساب mhwdaltahr كلمة واحدة فقط وأعاد استخدام النص للرد على نفس التغريدة.

في ٢٥ مارس، رد الحسابان sakralart1123 وmstafaapbala على تغريدة قوات الدعم السريع للترويج لمقطع فيديو على YouTube مع نفس النص المنشور بفارق عشر دقائق.

في وقت النشر، كانت القوتان العسكريتان في السودان لا تزالان في حالة نزاع، حيث تقدم كل منهما ادعاءات عبر الإنترنت حول السيطرة على الأراضي وتوجيه أصابع الاتهام لبعضهما البعض. تشير الشبكتان اللتان تم العثور عليهما من قبل منظمة DFRLab إلى أن جزءًا من مشاركات قوات الدعم السريع وحميدتي في وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يأتي من حسابات يحتمل أن تكون مسروقة ومشبوهة تحاول التأثير على السردية على الإنترنت.

لاقتباس الدراسة:

تسى نايت “حسابات تويتر مشبوهة تضخم بشكل مصطنع صورة زعيم الميليشيات السودانية وسط النزاع المسلح،” معمل التدقيق الرقمي (معمل دي اف ار لاب)، ٢٥ ابريل، ٢٠٢٣